موضوع: قصة ابي حنيفة في حسن الخلق للدعوة الى الله الإثنين يونيو 16, 2014 2:44 am
قصة ابي حنيفة في حسن الخلق للدعوة الى الله
بسم الله الرحمن الرحيم.. احببت أن انقل لكم قصة جميلة في حسن الخلق وانه نموذج من نماذج الدعوة الى الله بطريقة تغني عن الكلمات .. فلنتأملها جميعاً ..
حكاية يهودي جاور الإمام أبا حنيفة - رحمه الله - في بغداد لمدة خمس عشرة سنة، حيث تعمد ذلك اليهودي أن يفتح باب بيت الخلاء، برائحته القذرة ومياهه الآسنة، على بيت أبي حنيفة، لتنساب نحوه، وتؤذيه برائحتها وفضلاتها، إمعاناً منه في تسليط الأذى على واحد من كبار علماء المسلمين، ليؤذيه، ويستثير غضبه، كما هي عادة اليهود، ومن يتأسى بهم، أو يتخلق بأخلاقهم في المكايدة، وتعمد إيذاء المسلمين عن عقيدة، لأنَّ ذلك عند بعضهم يعتبر قربةً من القربات في ملتهم، أو هكذا يعتقدون.
وهذا من باب المكايدة للاختلاف العقدي، والحقد الكامن في قلوب أولئك القوم، في كل ما يرونه ضاراً بالمسلمين ، ومخالفاً لأمر الله، عقيدة راسخة، وسلوكاً يتوارثونه إلى اليوم، ومن ينهج نهجهم، كما بينه الله سبحانه في كتابه الكريم. سارت الأمور على هذا المنحى مع تتابع الأيام، وتعاقب الليل والنهار. الإمام أبو حنيفة صابر محتسباً، في تحمل هذا الأذى، لأنه لا يريد أن يغضب لنفسه، أو يتأثر حميَّة لمكانته في الدولة، ولدى أبناء المجتمع الإسلامي، حتى لا يتحول الأمر عنده من رغبة فيما عند الله، وحماسة لدينه، الذي يُؤثرُهُ على مطلب النفس، والاتجاهات الشخصية، إلى انتقام، ورد فعل شخصي، في حميّة لردِّ الأذى.
واليهودي مُتلذِّذ في عمله، ويتشفَّى لأنَّه آذى علماً من أعلام الإسلام، وبارزاً في علمه ومكانته وفضله، إذ يرى في هذا التصرف راحة نفسيَّة، ومتعة قلبية، لأنَّ هذه الأذيّة، ترمز عنده وعند بني جلدته إلى ما هو أكبر، وهو إيذاء الإسلام نفسه بأي أسلوب يرونه.
فسأل اليهودي أبا حنيفة قائلاً: منذ متى وهذه الرائحة عندكم؟ وأجابه بجواب مسكت: منذ جاورتنا. ولم يؤنّبه، ولم يفعل شيئاً طوال السنوات الماضية، لأن دينه يأمره بحسن الجوار والصبر على أذى الجار، واحترام حق الجوار، ومن جانب ليعطيه درساً في أسلوب الدعوة الحسنة، وبحسن الخلق الذي تنجذب معه القلوب، وبأسلوب حسن تطمئن إليه النفوس، لأن النفس مع من أحسن إليها، ومن هذا.. فقد أدرك هذا اليهودي مكانة الإسلام في صقل النفوس، والتحكم في عقول أبنائه، ودور علماء الإسلام كلما ارتفعت مكانتهم، في فهم تعاليم دينهم، وحرصهم على تطبيقها منهج عمل، وأسلوب تعامل. وبعد أن أجابه أبو حنيفة: منذ جاورتنا؟ فقد شرح الله صدر هذا اليهودي، بهذا التعامل وحسن خلق هذا العالم وصبره، وقال لأبي حنيفة -رحمه الله- إن ديناً يدعو لمثل هذا، وتتمثل فيه تلك الصفات، لهو خير دين، ثم نطق بالشهادتين، وأسلم من ساعته، ففرح أبو حنيفة والحاضرون، بهذا المشهد المؤثر الذي تحول من عداء للإسلام، متمثلاً في عداوة تتحول إلى انقلاب في الموازين، لأن الله سبحانه هو مقلب القلوب، ومهيء الأسباب بحسن الخلق، ولين الجانب، والتحمّل من أجل العقيدة التي هذَّب الله بها النفوس.
وقد قيل إن مثل هذه الحكاية، تروى لِسَهلِ التستري رحمه الله.